ما هي الحجامة؟
الحجامة تعنى سحب الدم الفاسد من الجسم الذى قد سبب بالفعل مرضا
ما أو قد يسبب مرضا فى المستقبل بسبب تراكمه وامتلائه بالأخلاط الضارة.
وكلمة الحجامة فى الأساس اللغوى تعنى التحجيم أى التقليل من الشىء.
الحجامة تعتبر طبيا عملية جراحية تعمل على تنقية الدم من الأخلاط الضارة
التى هى عبارة عن كريات دم هرمة وضعيفة لا تستطيع القيام بعملها على الوجه المطلوب من إمداد الجسم بالغذاء الكافى والدفاع عنه من الأمراض ،
فبواسطة الحجامة نقوم بسحب هذه الأخلاط الضارة
من كريات الدم الحمراء والبيضاء ليحل محلها كريات دم جديدة.
تاريخ الحجامة:
الحجامة تعد ممارسة طبية قديمة عرفها العديد من المجتمعات البشرية ،
من مصر القديمة غربا التى عرفتها منذ عام 2200 قبل الميلاد
مرورا بالآشوريين عام 3300 قبل الميلاد إلى الصين شرقًا ،
فالحجامة مع الإبر الصينية تعدان من أهم ركائز الطب الصينى التقليدى حتى الآن.
و قد عرف العرب القدماء الحجامة - ربما تأثرا بالمجتمعات المحيطة -
وجاء الإسلام فأقرها حتى أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
احتجم وأعطى الحجّام أجره ، كما أثنى الرسول (صلى الله عليه وسلم)
على تلك الممارسة ، فقال كما جاء فى صحيح البخارى: (خير ما تداويتم به الحجامة).
و من ثَم فقد مثَلت الحجامة جزءا أساسيا من الممارسات الطبية التقليدية
للعديد من المجتمعات العالمية ، إلا أنه بعد أن استشرى الطب الغربى
فى بلاد العالم أجمع ، وصار هو (الطب) وما عداه خرافة ودجل ،
وبعد أن انتشرت شركات الأدوية وتغولت ،
تراجعت تلك النظم والممارسات الطبية التقليدية إلى الظل ،
فظلت بقايا هنا وهناك فى بعض بلدان الخليج العربى كممارسة تقليدية غير رسمية ، وفى الصين ومجتمعات شرق آسيا كجزء من المحافظة على التراث الطبى التقليدى ، وظل الأمر كذلك حتى بدأ الناس فى الغرب يتراجعون عن تقديس الطب الغربى
وتصديق أنه من الممكن أن تتواجد نظم أخرى من الطب بديلة أو مكملة
ومن ثم بدأت تنتشر العديد من الممارسات التقليدية مرة أخرى فى دول الغرب والشرق هنا وهناك.
فكرة الحجامة وأدواتها:
تؤخذ كأس زجاجية ضيقة الفم واسعة البطن
حجمها نحو الرمانة الصغيرة تعرف بالمحجمة ,
ثم تحرق قطعة من الورق أو قليل من القطن داخلها حتى يزول منها الهواء
بواسطة الحرارة وتوضع في الحال على الجلد حيث يراد استخراج الدم ،
أو أن يوضع على الجلد قطعة من كرتون تركز عليها قطعة صغيرة
من شمعة مشتعلة أو كتلة من قطن كذلك , وتوضع المحجمة
فوقها فتتفرغ من الهواء بالحرارة وتلتصق بالجلد التصاقا محكما
فينجذب الدم بقوة الجذب وينتفخ الجلد ويتقبب
ويحمر وتبقى المحجمة لاصقة به مدة كافية
لمنع اشتراك هذه الكمية من الدم فى الدورة الدموية.
هذا يكون فيما يُعرف بالحجامة الجافة ,
وأما إذا أردنا إخراج الدم فيجب أن يُجرح الجلد جرحين أو ثلاثة أو أربعة خفيفة
كما يفعل فى التشريط ، ثم توضع المحجمة على الكيفية المذكورة ,
فعند تراكم الدم على ما سبق يخرج من تلك الجروح إلى المحجمة ,
فإذا امتلأت نزعت ثم أعيدت تكرارا بقدر الكمية المراد إخراجها من الدم.و طريقة نزعها تكون بأن يُكبس بالإصبع
على الجلد قرب حافة المحجمة فيدخل الهواء من تلك الفتحة
التى تفتح بين الجلد وحافة المحجمة فتنفك.
و حديثا ظهرت أدوات للحجامة تتميز بأنها متطورة وأكثر سهولة
فى الاستخدام كما أنها رخيصة الثمن ، وتكون فيها المحجمة
من البلاستيك وليس الزجاج ، وتكون مثقوبة من الوراء ثقبا صغيرا
يُمتص منه الهواء بواسطة طلمبة ماصة
وذلك يُغنى عن إخراج الهواء منها بالحرارة كما ذكر آنفا.
و لتجنب انتقال الميكروبات والفيروسات
من مريض لآخر فيجب أن يكون لكل مريض أدواته الخاصة به دون غيره ،
وإن كان به مرض معدى فيجب عليه الإسراع بالتخلص
من تلك الأدوات بطريقة آمنة بعد استعمالها.
أنواع الحجامة:
الحجامة نوعان ، كما يلي:
1 الحجامة الجافة: حيث يتم شفط الدم من العروق الصغيرة
(الشعيرات الدموية الدقيقة) بواسطة الكئوس محدثا ما يشبة الكدمة ,
بذلك يخف أو يزول احتقان المناطق الواقعة تحت موضع الحجامة ,
بالإضافة إلى حوادث انعكاسية أخرى ذات تأثير
واضح فى تخفيف الألم وتخفيف الاحتقان وغزارة التغذية الدموية
للمناطق المتأثرة بالحجامة.
2 الحجامة الرطبة أو الدموية:
تزيد على الحجامة الجافة إخراج الدم عن طريق تشريط
مكان الحجامة الجافة (عمل جروح بسيطة سطحية بواسطة مشرط معقم) ،
وهى نوع من الفصادة الموضعية استعملت فى الطب الحديث
أيضا فى مجالات عديدة ، وخاصة قبل اكتشاف الأدوية الكثيرة
فى النصف الثانى من القرن العشرين ، ومع ذلك تبقى هذه الحجامة
مفيدة داعمة للأدوية الأخرى.
شروط الحجامة:
للحجامة شروط فلا نستطيع أن نقوم بها فى أى وقت ولأى شخص
➀ ورد فى كتب الطب القديمة والسنة النبوية أن وقتها
هو السابع عشر والتاسع عشر والحادى والعشرون ،
أو فى الربع الثالث من كل شهر قمرى (عربى) ،
ويقول ابن القيم فى زاد المعاد: (لأن الدم فى أول الشهر القمرى
لم يكن بعد قد هاج … وفى آخره يكون قد سكن ،
وأما فى وسطه وبعده فيكون فى نهاية التزيّد).و يُنقل عن كتاب القانون لابن سينا قوله:
(و يؤمر باستعمال الحجامة لا فى أول الشهر القمرى
لأن الأخلاط لا تكون قد تحركت وهاجت ،
ولا فى آخره لأنها تكون قد نقصت وقلت ،
والأخلاط فى وسط الشهر تكون هائجة بالغة فى تزايدها لتزيّد النور فى جرم القمر).لذلك ننصح بأن تقوم بالحجامة فى أيام 17 و19 و21 من الشهر القمرى (العربى)
ويمكن قبل ذلك بأربعة أيام أو بعد ذلك بأربعة أيام ، مع تجنب أول الشهر العربى ونهايته.
➁ أورد ابن القيم قولا أن الحجامة على بطن فارغة أفضل من بطن ممتلئة ،
فهى على الريق دواء وعلى الشبع داء.
➂ و تكون الحجامة فى الصباح والظهر أفضل من الليل ،
وهى مستحبة فى أيام الاثنين والثلاثاء والخميس ،
ومنهيّا عنها فى أيام السبت والأربعاء ، ومكروهة فى يوم الجمعة.و ينقل ابن القيم فى زاد المعاد عن ابن سينا قوله:
(أوقاتها فى النهار الساعة الثانية أو الثالثة ويجب إجراؤها بعد الحمام إلا فيمن دمه غليظ ،
فيجب أن يستحم ثم يستجم ساعة ثم يحتجم) ،
ويقول ابن القيم:
(و اختيار هذه الأوقات للحجامة فيما إذا كانت على سبيل الاحتياط والتحرز
من الأذى وحفظًا للصحة ، وأما مداواة الأمراض فحيثما
وُجد الاحتياج إليها وجب استعمالها).
➃ و فى فصل الصيف الحجامة أفضل من فصل الشتاء
(يمكن تدفئة الغرفة) ، وفى البلاد الحارة أفضل من البلاد الباردة.
➄ لا يمكن عمل الحجامة لشخص خائف فلابد أن يطمئن أولا ،
ولا يمكن أيضا احتجام شخص يشعر بالبرد الشديد ،
ففى هاتين الحالتين يكون الدم هاربا.
➅ كما يحذر الحجّامون المحدثون من عمل الحجامة
لمن بدأ فى عمليات الغسيل الكلوى ، ولمن تبرع بالدم إلا بعد ثلاثة أيام ،
ولمن يتعاطى منبهات حتى يتركها ، ولمن قام بتركيب جهاز منظم لضربات القلب
لا حجامة له على القلب.
➆ و يضيف الحجّامون فى الغرب منع تناول الكحول لمدة 24 ساعة
أو تدخين الماريجوانا لمدة 48 ساعة ، أو تناول المشروبات الباردة
أو المثلجة لمدة 24 ساعة ، أو ممارسة الجنس لمدة 24 ساعة ،
وينصحون بالحفاظ على مكان الحجامة مغطى ودافئًا لمدة 24 ساعة أيضا.
محظورات الحجامة:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق